منهجية العمل الميداني والعينة المستخدمة في استطلاع المؤشر العربي

تعد العناية الفائقة لتطوير أداة الاستطلاع - لتكون سويتها عاليةً وأسئلتها محايدةً وموضوعيةً ومفهومةً من المستجيبين (المبحوثين، المستجوَبين) على اختلاف خصائصهم الديموغرافية، وقادرةً على دراسة الظواهر والموضوعات المبحوثة بشكلٍ وافٍ - ركنًا أساسيًا وضروريًا واستباقيًّا في إنجاح أي استطلاع رأي وفي تحقيقه لأهدافه. إن تصميم العينة التي ينفذ على أساسها الاستطلاع ميدانيًا لا يوازي أهمية إعداد الاستمارة فحسب، بل يتعداه بشكل كبير أيضًا. وبناءً عليه، فإن سحب العينة على أسسٍ علميةٍ دقيقة يمثل ركيزةً أساسيةً لأي استطلاعٍ جيدٍ وممثلٍ للمجتمعات المدروسة. ومن شأن عدم اعتماد عينةٍ ممثلةٍ للمجتمعات التي تجري على أساسها استطلاعات الرأي أن يقود إلى نتائجَ مغلوطةٍ أو غير دقيقةٍ، حتى لو كانت الأسئلة محايدةً ودقيقةً. ويعزى السبب في هذه الحالة إلى الخلل في تصميم العينة، أو الأخذ بأحد أساليب المعاينة غير الملائمة لدراسة المجتمعات المستطلَعة آراؤها. ومن المعروف أن تجارب استطلاعات الرأي زاخرةٌ بأمثلةٍ حول استطلاعات رأي استَخدمت أسئلةً متشابهةً، أو أنها طرحت الأسئلةَ نفسَها على عيناتٍ من المجتمع، وانتهت بنتائجَ متباينةٍ جدًّا في مواقف متعلقة بالمجتمع نفسه. وكان السبب الرئيس في هذا التباين هو تصميم العينة وأسلوب سحبها. ويمكن، بصفةٍ عامة، تصنيف العينات إلى نوعين رئيسَين، هما:

أولًا: العينات الاحتمالية؛ وهي التي تعتمد الأسلوبَ العشوائي في المعاينة. وتسحب هذه العينات من أطرٍ معاينةٍ معروفة الخصائص للمجتمعات المدروسة، وهي تضم العينات العشوائية البسيطة، والعينات العنقودية، إضافةً إلى الطبقية، والمنتظمة.

ثانيًا: العينات غير الاحتمالية؛ وهي العينات التي تعتمد أساليب قصدية في اختيار مفردات العينة من المجتمع المدروس. ولا تسحب العينات غير الاحتمالية - في أغلب الأحوال - من إطار معاينةٍ معروفٍ ومتوافرٍ للمجتمع المدروس، ومن هذه العينات: العينة العمدية، أو العينة الحصصيّة/ الكوتا، أو عينة كرة الثلج.

وغنيٌّ عن القول إن عينات الأسلوب الثاني، أي العينات غير الاحتمالية، هي عيناتٌ غير تمثيليةٍ للمجتمعات التي تدرسها؛ إذ إنها غير احتمالية أو عشوائية، وتتضمن تحيزًا لفئاتٍ محددةٍ دون أخرى، كما أن نطاق انتشارها لتغطية تباينات المجتمعات المدروسة ضعيفٌ؛ إذ تتصف هذه العينات - في المجمل - بكونها عيناتٍ محدودة الانتشار والتمثيل.

إن إجراء استطلاعات تضمن الحصول على نتائجَ ممثلةٍ ودقيقةٍ للمجتمع المدروس تفترض اعتمادَ أسلوب المعاينة الاحتمالية؛ أي إن فرصة ظهور أي مفردةٍ من مفردات المجتمع المدروس في العينة هي مساويةٌ لفرصة ظهور مفردات المجتمع الأخرى. وهذا يعني، بالضرورة، أن ظهور المفردة الواحدة في العينة له احتمالية الظهور مرةً واحدةً فقط. وفي حال استخدم أسلوب معاينةٍ متعددة المراحل، يجب أن يكون لكل مفردةٍ من مفردات المجتمع المدروس فرصةٌ واحدةٌ؛ أي إنه لا يحق إرجاع المفردات التي سحبت في المرة الأولى من عملية سحب العينة للمجتمع المدروس ليكون لها فرصةٌ ثانيةٌ للظهور في العينة. ويعني استخدام العينات الاحتمالية أن يجري سحب مفردات العينة بأسلوبٍ عشوائي؛ بحيث يضمن عدم الانحياز المباشر المتأتي من تأثير القائمين على سحب العينة ونزعاتهم ورغباتهم، وكذلك عدم الانحياز غير المباشر الذي يتولد من تطبيق أساليب المعاينة غير الاحتمالية والعشوائية التي تزيد بدورها من فرص إمكان ظهور مفردات من فئاتٍ مجتمعيةٍ محددةٍ على حساب أخرى. كما أن الاحتمالية تضمَن انتشارًا واسعًا للعينة في المجتمع المبحوث.

وبطبيعة الحال، تعتمد استطلاعات المؤشر العربي التي تهدف إلى التعرُّف إلى اتجاهات الرأي العام في كل بلدٍ من البلدان العربية المستطلَعة على العينات الاحتمالية العشوائية الممثلَة. وبناءً على التعقيد الموجود في كل مجتمعٍ من المجتمعات العربية التي تتعدد وتتنوع وحداته، وتتصف بعدم تجانسها، سواء على أسسٍ اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو ديموغرافية، وأحيانًا على أسسٍ إثنيةٍ ودينيةٍ، إضافةً إلى تباين هذه الوحدات من ناحية عدد سكانها، تمَّ اعتماد العينة الاحتمالية الطبقية العنقودية المتعددة المراحل، والمسحوبة بانتظامٍ، والمتناسبة مع الحجم؛ لتكونَ أسلوبَ المعاينة المتبع في تنفيذ جميع استطلاعات المؤشر العربي. ويضمَن استخدام هذا النوع من العينات تمثيل جميع الوحدات المكونة لكل مجتمعٍ من المجتمعات العربية، وتأثير هذا التمايز في اتجاهات الرأي العام نحو موضوعات المؤشر العربي المهمة والمتنوعة.

إن اعتماد هذا النوع من العينة يتطلب استخدام أكثر من أسلوب معاينةٍ واحد؛ بهدف تحقيق أفضل تمثيلٍ للمجتمعات المبحوثة من ناحيةٍ، وتحقيق انتشارٍ واسعٍ للعينة من ناحية أخرى. وفي ضوء استخدام هذا النوع من العينات، ومن أجل تحقيق نسبة ثقةٍ في نتائج الاستطلاع تتجاوز 96%، وحرصًا على ألا يتجاوز هامش الخطأ ±3% كحد أقصى؛ فقد كان حجم العينة في كل مجتمعٍ من المجتمعات المستطلَعة 1200 مستجيب على الأقل.

لمزيد من المعلومات: منهيجة العمل الميداني والعينة المتبعة في استطلاعات المؤشر العربي